فصل: باب اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



الشَّرْحُ:
(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ بَيْعُ الرُّطَبِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ يَصِحُّ بَيْعُ الْعَرَايَا فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ عَلَى الشَّجَرِ خَرْصًا بِقَدْرِهِ مِنْ الْيَابِسِ فِي الْأَرْضِ كَيْلًا ثُمَّ قَالَ بِشَرْطِ التَّقَابُضِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي التَّمْرَ الْيَابِسَ بِالْكَيْلِ وَيُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّخْلِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ بَيْعُهَا) أَيْ: بَيْعُ ثَمَرِهَا، قَوْلُهُ: كَمَا قَدَّرْته كَانَ يُمْكِنْ هَذَا التَّقْدِيرُ وَجَعْلِ الْعَرَايَا اسْمًا فِي الِاصْطِلَاحِ لِنَفْسِ الِاصْطِلَاحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ بَيْعٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) اعْتَمَدَهُ م ر قِيلَ؛ إذْ الرُّخْصَةُ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا. اهـ. وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ مَحَلَّ وُرُودِهَا الرُّطَبُ، وَقَدْ أَلْحَقُوا بِهِ الْعِنَبَ وَأَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ الْقِيَاسِ فِي الرُّخَصِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَيُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ عَقَدَا وَالثَّمَرُ غَائِبٌ فَأُحْضِرَ أَوْ حَضَرَاهُ وَقَبَضَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ كَمَا لَوْ تَبَايَعَا بُرًّا بِبُرٍّ غَائِبَيْنِ وَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَذَكَرَ الْأَصْلُ مَعَ ذَلِكَ مَا لَوْ غَابَا عَنْ النَّخْلِ وَحَضَرَا عِنْدَهُ فَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ بِالتَّخْلِيَةِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْحُضُورِ كَمَا مَرَّ. اهـ، قَوْلُهُ: أَوْ حَضَرَاهُ أَيْ: بِأَنْ تَمَاشَيَا مِنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَحْصُلُ مَعَهُ افْتِرَاقُهُمَا إلَى أَنْ وَصَلَا إلَيْهِ وَقَبَضَاهُ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا يُفْرَدُ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لُغَةً، وَقَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ، وَهُوَ بَيْعُ الرُّطَبِ إلَخْ لَعَلَّ الْمُرَادَ شَرْعًا سم عَلَى مَنْهَجٍ أَيْ: وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ جَمْعُ عَرِيَّةٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَرَايَا هِيَ النَّخَلَاتُ الَّتِي تُفْرَدُ لِلْأَكْلِ وَتَفْسِيرُهَا بِبَيْعِ الرُّطَبِ يُنَافِيهِ فَأَشَارَ إلَى مَنْعِ التَّنَافِي بِمَا ذَكَرَهُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: أَيْ بَيْعُهَا) أَيْ: بَيْعُ ثَمَرِهَا. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) جَزَمَ بِالْإِلْحَاقِ النِّهَايَةُ.
(قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ: بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَتَنَاهِي كِبَرِهِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الصَّوَابَ عَنْهُ) أَيْ: النَّقْلُ الصَّوَابُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الشَّجَرِ) أَيْ: عَلَى الشَّجَرِ أَوْ جَعْلِ الشَّجَرِ ظَرْفًا مَجَازًا. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: أَيْ بِالْمُثَلَّثَةِ) الْأَخْصَرُ الْأَوْضَحُ بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ الرُّطَبُ وَقَوْلُهُ: (أَيْ بِالْفَتْحِ إلَخْ) الْأَوْلَى بِالْفَتْحِ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ أَيْ: مَخْرُوصِهَا.
(قَوْلُهُ: أَنَّ فِيهِ) أَيْ: فِي الْعِنَبِ.
(قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْأَرْضَ لِلْغَالِبِ) سَكَتَ الشَّارِحُ بِنَاءً عَلَى مَا اخْتَارَهُ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ الْأَرْضِ لِلْغَالِبِ عَنْ ذِكْرِ النَّخْلِ فِي الرُّطَبِ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ، أَوْ هُوَ قَيْدٌ فِيهِ، وَلَا مَجَالَ لِمُخَالَفَتِهِ هُنَا؛ إذْ لَا مَعْنَى لِلرُّخْصَةِ حِينَئِذٍ بَصْرِيٌّ وَقَلْيُوبِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَأَخَذَ شَارِحٌ بِمَفْهُومِهِ إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُمَا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مَعًا عَلَى الشَّجَرِ، أَوْ عَلَى الْأَرْضِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ؛ إذْ الرُّخْصَةُ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا. اهـ. قَالَ سم يُشْكِلُ عَلَيْهِ م ر أَنَّ مَحَلَّ وُرُودِهَا الرُّطَبُ، وَقَدْ أَلْحَقُوا بِهِ الْعِنَبَ وَأَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ الْقِيَاسِ فِي الرُّخْصِ. اهـ. زَادَ ع ش فَالظَّاهِرُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْبَعْضُ الْمَذْكُورُ. اهـ. يَعْنِي الشَّارِحُ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ.
(قَوْلُهُ: كَيْلًا) أَيْ: مُقَدَّرًا بِكَيْلٍ أَيْ: وَقْتَ التَّسْلِيمِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ التَّمْرِ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاو.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ) إلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النَّخْلُ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: خَرَصَ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَالِكُ.
(قَوْلُهُ: وَفِيمَا دُونَ خَمْسَةٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى فِي تَمْرٍ إلَخْ (بِخَرْصِهَا السَّابِقِ) يَعْنِي قَوْلَهُ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا.
(قَوْلُهُ: بِمِثْلِهِ إلَخْ) أَيْ: بِيعَ مَا دُونَهَا بِمِثْلِهِ تَمْرًا.
(قَوْلُهُ: مَكِيلًا يَقِينًا) رَاجِعٌ لِلْمَتْنِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى بِمِثْلِهِ.
(قَوْلُهُ: لِخَبَرِهِمَا) أَيْ: الصَّحِيحَيْنِ.
(قَوْلُهُ رَخَّصَ) بِبِنَاءِ الْفَاعِلِ.
(قَوْلُهُ: وَدُونَهَا إلَخْ) مُسْتَأْنَفٌ اسْتِدْلَالًا عَلَى الْأَخْذِ بِالدُّونِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: فَأَخَذْنَا بِهِ) وَلَا يَجُوزُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا قَطْعًا وَمَتَى زَادَ عَلَى مَا دُونَهَا بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ وَلَا يَخْرُجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ. اهـ. نِهَايَةٌ أَيْ: مِنْ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْقَاعِدَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ: أَوْ رَشِيدِيٌّ وع ش.
(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إلَخْ) وَالْمُرَادُ بِالْخَمْسَةِ أَوْ مَا دُونَهَا إنَّمَا هُوَ مِنْ الْجَفَافِ وَإِنْ كَانَ الرُّطَبُ الْآنَ أَكْثَرَ فَإِنْ تَلِفَ الرُّطَبُ أَوْ الْعِنَبُ فَذَاكَ، وَإِنْ جُفِّفَ وَظَهَرَ تَفَاوُتٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ، فَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ لَمْ يَضُرَّ. اهـ. نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: كَمُدٍّ) مِثَالٌ لِمَا يَقَعُ بِهِ التَّفَاوُتُ إلَخْ رَشِيدِيٌّ وع ش.
(قَوْلُهُ: وَظَهَرَ فِيهِ التَّفَاوُتُ) أَيْ: بَيْنَ مَا تَتَمَّرَ وَبَيْنَ مَا خُرِصَ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ بِأَنَّ بُطْلَانَ الْعَقْدِ) أَيْ: فِي الْجَمِيعِ، وَلَا يَخْرُجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَمَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ) إلَى قَوْلِهِ وَتَتَعَدَّدُ إلَخْ فِيهِ تَطْوِيلٌ (قَوْلُهُ: الْمَذْكُورِ) نَعْتٌ لِلدُّونِ.
(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الدُّونِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ) أَيْ: قُبَيْلَ بَابِ الْخِيَارِ. اهـ. كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ: مِنْ تَعَدُّدِ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي، أَوْ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ) أَيْ التَّقَابُضُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النَّخْلُ) أَيْ: أَوْ الْكَرْمُ.
(قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النَّخْلُ إلَخْ الْمُقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ حُضُورِهِمَا عِنْدَ النَّخْلِ.
(قَوْلُهُ: لَابُدَّ فِيهِ) أَيْ: عَقْدِ الرِّبَوِيِّ.
(قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) أَيْ: التَّنَافِي.
(قَوْلُهُ: بَلْ هَذَا) أَيْ: التَّخْلِيَةُ مَعَ مُضِيِّ الزَّمَنِ الْمَذْكُورِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: حُصُولُ الْقَبْضِ بِالتَّخْلِيَةِ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ.
(قَوْلُهُ: كَيْلَهُ) أَيْ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى قَطْعِ الْكُلِّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ الْبَيْعُ الْمُمَاثِلُ لِمَا ذُكِرَ) أَيْ: بَيْعَ الْعَرَايَا وَإِنَّمَا أَوَّلَ الضَّمِيرَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى الْعَرَايَا؛ لِأَنَّ خُصُوصَ الْعَرَايَا لَا يَجْرِي فِي غَيْرِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ. اهـ. كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ إلَخْ) الْأَوْلَى وَمَعَ أَنَّ وَقَوْلُهُ: (ذَلِكَ) أَيْ: السَّبَبُ الْخَاصُّ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ قَوْلُهُ: ثُمَّ أَيْ: بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ الْمَشْرُوعِيَّةُ بِسَبَبٍ خَاصٍّ قَدْ يَعُمُّ الْحُكْمُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهُمْ هُنَا) أَيْ: الْفُقَرَاءُ فِي الْعَرَايَا.
(قَوْلُهُ مَنْ لَا نَقْدَ بِيَدِهِ) أَيْ: وَإِنْ مَلَكَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً غَيْرَهُ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الشَّيْخِ سُلْطَانِ.

.باب اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ:

ذُكِرَا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْبَيْعِ الْأَغْلَبِ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَكُلُّ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، وَلَوْ غَيْرَ مَحْضَةٍ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كَيْفِيَّتِهِ كَذَلِكَ وَأَصْلُ الْبَابِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: «إذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ فَهُوَ مَا يَقُولُ رَبُّ السِّلْعَةِ أَوْ يَتَتَارَكَا» أَيْ: يَتْرُكُ كُلٌّ مَا يَدَّعِيهِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْفَسْخِ وَأَوْ هُنَا بِمَعْنَى إلَّا وَتَقْدِيرُ لَامِ الْجَزْمِ بَعِيدٌ مِنْ السِّيَاقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَصَحَّ أَيْضًا «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الْبَائِعَ أَنْ يَحْلِفَ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ إنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» وَيَأْتِي خَبَرُ: «الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» الْمَأْخُوذُ مِنْهُ التَّحَالُفُ (إذَا اتَّفَقَا) أَيْ: الْعَاقِدَانِ وَلَوْ وَكِيلَيْنِ، أَوْ قِنَّيْنِ أَذِنَ لَهُمَا سَيِّدَاهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ وَلِيَّيْنِ، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَيَأْتِي أَنَّ وَارِثَيْهِمَا مِثْلُهُمَا.
وَمِثْلُهُمَا أَيْضًا مُوَكِّلَاهُمَا (عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ)، أَوْ ثَبَتَتْ بِالْيَمِينِ كَبِعْتُكَ بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ بِخَمْسِمِائَةٍ وَزِقِّ خَمْرٍ فَإِذَا حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى نَفْيِ الْخَمْرِ تَحَالَفَا (ثُمَّ) إذَا (اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّتِهِ كَقَدْرِ الثَّمَنِ) وَكَانَ مَا يَدَّعِيهِ الْبَائِعُ، أَوْ وَكِيلُهُ أَكْثَرَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الصَّدَاقِ بَلْ غَيْرُ الْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ هُنَا كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُدَّعَى الْمُشْتَرِي مَثَلًا فِي الْمَبِيعِ أَكْثَرَ وَالْبَائِعُ مَثَلًا فِي الثَّمَنِ أَكْثَرَ، وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّحَالُفِ (أَوْ صِفَتِهِ)، أَوْ جِنْسِهِ، أَوْ نَوْعِهِ كَذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَكَذَهَبِ كَذَا وَكَذَا، وَكَصَحِيحٍ أَوْ مُكَسَّرٍ، وَمِنْهُ اخْتِلَافُهُمَا فِي شَرْطِ نَحْوِ رَهْنٍ، أَوْ كَفَالَةٍ، أَوْ كَوْنِهِ كَاتِبًا وَقَدْ يَشْمَلُ ذَلِكَ كُلَّهُ قَوْلُهُ: صِفَتِهِ نَعَمْ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَقْدِ هَلْ هُوَ قَبْلَ التَّأْبِيرِ، أَوْ الْوِلَادَةِ أَوْ بَعْدَ أَحَدِهِمَا لَمْ يَتَحَالَفَا وَإِنْ رَجَعَ الِاخْتِلَافُ إلَى قَدْرِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ مِنْ الْحَمْلِ وَالثَّمَرَةِ تَابِعٌ لَا يَصِحُّ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ فَصُدِّقَ الْبَائِعُ فِيهِ بِيَمِينِهِ؛ إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ مِلْكِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ زَعَمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَيْعَ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ أَوْ الْحَمْلِ صُدِّقَ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ حِينَئِذٍ عَدَمُهُ عِنْدَ الْبَيْعِ (أَوْ الْأَجَلِ) كَأَنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ (أَوْ قَدْرِهِ) كَيَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ (أَوْ قَدْرِ الْمَبِيعِ) كَصَاعٍ مِنْ هَذَا بِدِرْهَمٍ فَيَقُولُ بَلْ صَاعَيْنِ مِنْهُ بِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عِشْرُونَ ذِرَاعًا ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ أَرَدْنَا ذِرَاعَ الْيَدِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ ذِرَاعَ الْحَدِيدِ فَإِنْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا عُمِلَ بِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي النَّقْدِ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْغَلَبَةِ بَطَلَ الْعَقْدُ لِمَا مَرَّ أَنَّ النِّيَّةَ هُنَا لَا تَكْفِي، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهَا، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي شَرْطِ ذَلِكَ اتَّجَهَ التَّحَالُفُ، وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ خِلَافُ مَا ذَكَرْته فَاحْذَرْهُ.
ثُمَّ رَأَيْت الْجَلَالَ الْبُلْقِينِيَّ ذَكَرَ بَحْثًا مَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرْته حَيْثُ قَالَ مَا حَاصِلُهُ إطْلَاقُ الذِّرَاعِ بِبَلَدِ الْغَالِبِ فِيهَا ذِرَاعُ الْحَدِيدِ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي إرَادَتِهِ وَإِرَادَةِ ذِرَاعِ الْيَدِ، أَوْ الْعَمَلِ صُدِّقَ مُدَّعِي ذِرَاعِ الْحَدِيدِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ، وَلَا تَحَالُفَ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْآخَرِ مُخَالِفَةٌ لِلظَّاهِرِ فَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهَا فَإِنْ انْتَفَتْ غَلَبَةُ أَحَدِهِمَا وَجَبَ التَّعْيِينُ، وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ. اهـ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي أَرَدْنَا ذِرَاعَ الْحَدِيدِ وَالْبَائِعُ أَرَدْنَا ذِرَاعَ الْيَدِ لَمْ يَكُنْ اخْتِلَافًا فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ فَلَا تَحَالُفَ وَإِنَّمَا هَذَا كَمَا إذَا بَاعَ أَرْضًا عَلَى أَنَّهَا مِائَةٌ فَخَرَجَتْ نَاقِصَةً فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي كَالْعَيْبِ فَإِنْ أَجَازَ فَبِكُلِّ الثَّمَنِ. اهـ. الْمَقْصُودُ مِنْهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا نَظَّرَ بِهِ أَنَّهُمَا ثَمَّ مُتَّفِقَانِ عَلَى شَرْطِ الْمِائَةِ ثُمَّ النَّقْصُ عَنْهَا الْمُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعَيْبِ فَجَاءَ التَّخْيِيرُ، وَأَمَّا هُنَا فَهُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي أَنَّ الْمَبِيعَ عِشْرُونَ بِالْحَدِيدِ، أَوْ بِالْيَدِ فَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ فَكَانَ مَجْهُولًا فَبَطَلَ الْعَقْدُ.
وَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرْته وَذَكَرَهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالصَّيْمَرِيِّ فِي السَّلَمِ يُشْتَرَطُ فِي الْمَذْرُوعِ أَنْ يَكُونَ بِذِرَاعِ الْحَدِيدِ فَإِنْ شُرِطَ بِذِرَاعِ الْيَدِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلِفٌ. اهـ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ مَا قَالَاهُ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ وَمَا هُنَا فِي الْمُعَيَّنِ وَبِفَرْضِ كَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ فَمَحَلُّهُ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّعْلِيلُ فِي مُخْتَلِفٍ أَمَّا إذَا عَلِمَ بِأَنْ عَيَّنَ وَعَلِمَ قَدْرَهُ فَيَصِحُّ كَمَا فِي تَعْيِينِ مِكْيَالٍ مُتَعَارَفٍ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِأَحَدِهِمَا يُعْتَدُّ بِهَا فَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ وَتَعَارَضَتَا لِإِطْلَاقِهِمَا، أَوْ إطْلَاقِ إحْدَاهُمَا فَقَطْ، أَوْ لِكَوْنِهِمَا أُرِّخَتَا بِتَارِيخَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ وَقَدْ لَزِمَ الْعَقْدُ وَبَقِيَ إلَى حَالَةِ التَّنَازُعِ (تَحَالَفَا) لِمَا فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ، وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ الْخَبَرَانِ السَّابِقَانِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ عُرِفَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَيْهِمَا هِيَ حَلِفُ الْمُشْتَرِي أَيْضًا فَأَخَذْنَا بِهَا، وَخَرَجَ بِاتَّفَقَا إلَخْ اخْتِلَافُهُمَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْعَقْدِ هَلْ هُوَ بَيْعٌ أَوْ هِبَةٌ فَلَا تَحَالُفَ كَمَا يَأْتِي وَبِقَوْلِهِ وَلَا بَيِّنَةَ مَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهَا، أَوْ لَهُمَا بَيِّنَتَانِ مُؤَرَّخَتَانِ بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْأُولَى وَيَلْزَمُ مَا لَوْ اخْتَلَفَا مَعَ بَقَاءِ الْخِيَارِ فَلَا تَحَالُفَ عَلَى مَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ لِإِمْكَانِ الْفَسْخِ بِغَيْرِهِ لَكِنَّ الْجُمْهُورَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمَا عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ كَمَا أَطْبَقُوا عَلَى التَّحَالُفِ فِي الْقِرَاضِ وَالْجَعَالَةِ مَعَ جَوَازِهِمَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَالْكِتَابَةِ مَعَ جَوَازِهَا مِنْ جَانِبِ الْقِنِّ وَيَبْقَى مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ مَعَ الْإِقَالَةِ أَوْ التَّلَفِ الَّذِي يَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ فَلَا تَحَالُفَ بَلْ يَحْلِفُ مُدَّعِي النَّقْصِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَأُورِدَ عَلَى الضَّابِطِ اخْتِلَافُهُمَا فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مَعًا كَبِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ الدِّرْهَمِ فَيَقُولُ بَلْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ فَلَا تَحَالُفَ جَزْمًا؛ إذْ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ مَعَ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى بَيْعٍ صَحِيحٍ وَاخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّتِهِ فَيَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْأَصْلِ، وَلَا فَسْخَ.